اضــطـرابـات فــي الـتـعـلــم

مشكل النقص في  مهارات الرياضيات (dyscalculie)

 

التــعــريـــف

كم مرة سمعنا الآباء والأقرباء يشتكون من ضعف عطاء أطفالهم في مادة الرياضيات. في غالب الأحيان يلجأ الأساتذة إلى إرشاد الآباء لإعطاء الطفل ساعات إضافية من الدعم المدرسي مما يزيد حيرة وقلقا لذا الآباء الذين لا يفهمون أو لا يستوعبون السبب الذي يجعل طفلهم لا يتفوق في مادة الحساب.  مثل هذه الحالات ، حالة الطفلة م.ع. ، 6 سنوات ، جاءتنا من طرف المدرسة بسبب فشل في الدراسة وخاصة قي الرياضيات .  فعلاً ،  الطفلة مروة لا تحسب شفاهياً حتى العدد 5  مثلها مثل حالة التلميذة  ر.ر. ، 14 سنة ،  التي لا تدري كيف تضع عملية مكونة من رقمين أو إيجاد حل لمشكل بسيط كرد "الصرف" على قطعة 5 دراهم . إن الاضطرابات فيما يخص الرياضيات ظاهرة منتشرة وكثيرون من يتساءل عن أسباب وجذور هذا الخلل وكثيرون من يتفاجأ حين يعلم أن ابنه يتوفر على ذكاء في المستوى العادي إذا قورن بأطفال في نفس المستوى ونفس السن مثله.   

أما فيما يخص تساؤلات الآباء حول أصل هذا الاضطراب الذي لم يصبهم ، هم والأولاد والبنات الآخرون ، إلى يومنا هذا ليس لدينا معلومات ولا أجوبة مقنعة حول وجود أو عدم وجود فاعل وراثي.

نتائج الأبحاث

مختبر تصوير الأعصاب الإدراكي بـ "أورساي" اهتم بمشكل الخلل التطوري في الرياضيات الذي يظهر عند بعض الأطفال الذين عندهم نسبة الذكاء عادية ، سوية ، والذين يعيشون داخل محيط اجتماعي متوازن . حسب لنتائج الأولية يرجع أصل هذا المشكل إلى اضطراب بداءي في إدراك الأرقام. في السن الثاني أو الثالث  هناك احتمال من أن تلعب الأصابع دوراً أساسياً  في هذا المجال الشيء الذي تطمح إلى إظهاره فرقة البحث في مختبر العلم النفسي الاجتماعي بجامعة " كليرمان فيران بفرنسا

إدراك الأرقام ينطلق من وجودهم الفعلي أي بالاستغناء عن استعمال أشياء  أخرى مثل الأصابع  . في هذا المشروع سنهتم بظاهرة الحساب الذهني والتمثلات الذهنية للأرقام في غياب أي معتمد بصري . تساؤلاتنا تتركز على بقع المخ التي تدخل في حل العمليات الرياضية ذهنياً .

مثلاً : تعلم عملية زائد - + - تستوجب في نفس الوقت مفهوم الجمع ، معرفة مواقع الأرقام وكذلك حفظ لوائح عملية الزائد .

هناك نماذج سهلة التحديد في إطار تبلور المفاهيم الرقمية . الأطفال لا يعدون أبداً فوق 10 قبل أن يعدوا إلى 10 ، من جهة أخرى التثنية أسهل للحفظ : 6+6 أسهل من 7+6 ، الأطفال يتفوقون في إيجاد الحالة النهائية لعملية حسابية إذا كان يعرف حالتها البدائية وكذلك التحولات التي عرفتها  من زيادة أو نقصان قبل أن يتفوقوا في إيجاد الحالة البدائية انطلاقاً من الحالة النهائية والتحول الذي عرفته (مثلا : 7 + 4 = ؟  أسهل من ؟ + 4 = 11) .

نستخلص أن النمو للمعارف غالبا ما يرتكز على أسس متواصلة ومتصاعدة  بحيث يتم اكتساب مهارة ما بالاعتماد على المهارة التي سبقتها. إذا افترضنا  أن الطفل ينمي ميولا أو كفاءات تجعله يفضل الحساب أو الهندسة أو حل تمرين في الرياضيات ، فهذه الميادين الثلاثة متشابكة فيما بينها وتشكل أنماطا مختلفة من التواصل للتعبير عن نفس الواقع مثلاً :  الدليل لـ "فيكتور " أي اقلات  يمكن النظر إليه من زاوية الحساب أو من زاوية الهندسة أو من زاوية الهندسة التحليلية  هذا الدليل يتطلب، في نفس الوقت، كفاءات في الحساب وفي تصور الفضاء فيما يخص حل التمارين وكذلك في استعمال الحروف .

السؤال المطروح هو ماذا يحصل للطفل إذا فشل في إحدى هذه المراحل التي تتكون فيها  الكفاءات في الرياضيات ؟

قبل ظهور السيكولوجية المعرفية ، كل شيء كان يُعتبر مكتسباً بمعنى آخر أنه مرتبط بالمعطيات والتأثير والتعامل مع  محيط الفرد سواء على المستوى المادي أو النفسي ـ العاطفي . حالياً يعتبر المعرفيون كل شيء وكأنه فطري بمعنى آخر أنه يخضع لتركيبات جينية معينة . بين هذا وذاك ، بين  الفطري والمكتسب   نظن أن الحقيقة مختلفة وأنها أكثر تعقيداً وأكثر غموضاً . فابتدءا من الثمانينات نشأت تحقيقات في تزايد مستمر دفع العلوم العصبية والسيكولوجية المعرفية  واللسانيات  والتطور الهائل والدقيق للذكاء الاصطناعي وكذلك المفاهيم الجديدة للتعاملات الاجتماعية إلى اغتنام الوضع من أجل تنمية المصالح المشتركة ومن اجل التلاقي في الأبحاث وكذلك من أجل خلق محاور نظرية . هذا التحالف الناشئ للعلوم المعرفية أدى إلى التركبة الحالية للعلم المعرفي  كميدان تبادل في الظواهر والنظريات. السيكولوجية العصبية الحديثة تتجه نحو هدفين : من جهة ، فهم القواعد الأساسية  للسلوك البشري على المستوى  المعرفي والعاطفي ، ومن جهة أخرى ، المساهمة في الوقاية والتعاطي مع الاضطرابات التي تعرقل أنشطة  الدماغ . إن السيكولوجية العصبية مثلها مثل كل ميادين النورولوجية  تعرف  تطورا سريعا بعدما اكتفت لعدة سنين بتفسير وشرح الأعراض الكلنيكية  وارتباط الإشارات الكلينيكية بالآفات العضوية وبذلك دخلت ، بفضل التطور الذي عرفته النورولوجية ، في مرحلة تفتح الأبواب على التطبيقات الكلينيكية .

لمعالجة المشكل 

لا داعية للضرب والتوبيخ أو إلقاء اللوم على الأستاذ 

يجب تقييم الحالة ووضع برنامج خاص يندمج فيه المتخصص النفساني والأسرة والمدرَس. 

     

neuro-imagerie cognitive d’Orsay

Date de dernière mise à jour : 14/03/2022

  • Aucune note. Soyez le premier à attribuer une note !

Ajouter un commentaire

 
×